Canalblog
Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

تــــونسيون

30 août 2010

تونس 2014: لا بد من الاستفتاء

قرأتُ كغيري من التونسيين نصَّ النداء الذي وقعه أكثر من ستين شخصية عامة تونسية ودعت فيه الرئيس زين العابدين بن علي إلى الترشح لولاية جديدة عام 2014، كما قرأت أيضا ردود الفعل التي أثارها هذا النداء في بعض الأوساط التونسية.

وما يمكن أن يقال في النداء، انه بدلا من طرح القضية على المستوى السياسي والدستوري، اختار أصحابه وضع مبادرتهم هذه عند مستوى  الممارسة الطبيعية لحق التعبير عن الرأي، فمن حق أي مواطن تونسي أن يدعو ويدعم بصورة فردية أو جماعية أي تونسي آخر إلى الترشح والتقدم إلى أية انتخابات. ولا أدري بأي حق استنكر بعض منتقدي هذه المبادرة على أصحابها، أن يقوموا بذلك، فمن حق أي مواطن تونسي أن يعبر عن دعمه ومساندته لسياسة رئيس الدولة وان يتمنى عليه التجديد لولاية أخرى.

غير أن القضية الهامة التي تجاهلها النداء وانحرفت بها ردود الفعل إلى منحى غير منحاها الطبيعي، هي ان التجديد للرئيس زين العابدين بن علي لولاية جديدة عام 2014، يستلزم تعديلا دستوريا لان الدستور بصيغته الحالية يشترط حدا عمريا أقصى للترشح لرئاسة الجمهورية، يكون الرئيس زين العابدين بن علي قد تجاوزه مع حلول موعد الاقتراع الرئاسي القادم في نوفمبر 2014.

السؤال الحقيقي اذن هو: هل ينبغي تعديل الدستور وفي أي اتجاه، من اجل ان يكون من الممكن للرئيس زين العابدين بن علي ان يترشح لولاية جديدة اذا رغب في ذلك؟ وفي نفس الوقت هل ينبغي حصر هذا التعديل الدستوري فقط في شرط السقف العمري للترشح لرئاسة الجمهورية وركوب موجة شخصنة التعديل الدستوري أم وضع هذا التعديل الدستوري في إطار سياسي مستقبلي وعام وبالتالي صياغته ليشمل أيضا جوانب أخري تتخطى قضية السقف العمري ليندرج ضمن استمرارية تحديث الدستور وملاءمته مع تطور المجتمع ومع الإصلاحات القائمة والمطلوبة؟

ومنذ البداية لا بد من استبعاد تلك التأكيدات القائلة برفض أي تعديل دستوري بحجة انه لا يجوز التلاعب بالدستور وفق المصلحة وكي يتلاءم مع الرغبات، لان هذه التأكيدات تدعو إلى التحجر والجمود، فالدستور هو القانون الأساسي المنظم لشؤون إدارة المجتمع وبالتالي فانه يتطور بتطور المجتمع وبذات سرعة هذا التطور، ومن المنطقي أن يتم تطوير دستور ينظم حياة مجتمع مثل المجتمع التونسي اغلبه من الشباب وسريع التطور خاصة خلال العشرين سنة الأخيرة. بل إن عدم تعديل الدستور في كل مرة ليتماشي مع تطور المجتمع هو عين التحجر والغباء السياسي. فالمشكلة ليست في عدد المرات التي تم فيها تعديل الدستور بل في مدى احترام ذلك التعديل في كل مرة للشروط الدستورية والإجراءات القانونية للتعديل، ولأن أحدا لم ينتقد او يقدم عيبا قانونيا أو دستوريا في طريقة وأسلوب، القيام بتلك التعديلات وإنما انصبت الانتقادات على محتواها، فلا ضرر في تلك التعديلات مهما تعددت ما دامت قد تمت وفق القانون والدستور وفوق ذلك عن طريق استفتاء شعبي عام.

في النص الأصلي للدستور التونسي لعام 1958 لم يكن من بين شروط الترشح لرئاسة الجمهورية ان لا يتم التجديد لثلاث مرات متتالية وان لا يتجاوز المتر شح سقفا عمريا من 75 سنة. وتم عام 1988 تعديل هذه الشروط  وأضيف شرط عدم التجديد لثلاث مرات متتالية وعدم تجاوز المتر شح  سن الخمس وسبعين سنة يوم الاقتراع. وكلنا نعلم لماذا أضيف هذان الشرطان عام 1988 لان البلاد كانت قد خرجت لتوها  في نوفمبر 1987 من عواقب الرئاسة مدى الحياة والوهن الصحي لرئيس الجمهورية، وكان الجميع يتشاءم من أي فعل أو قول يوحي بالمحافظة على فكرة الرئاسة مدى الحياة، وكان لا بد من تقديم ما يطمئن الجميع أن المجال لرئاسة مدى الحياة. وكان من المفترض عندما تم إلغاء شرط عدم التجديد لثلاث مرات متتالية في تعديل دستوري تمت المصادقة عليه في استفتاء شعبي عام سنة 2002، أن يشمل ذلك التعديل أيضا  شرط السقف الزمني. لكن الغاء شرط السقف العمري لم يتم في ذلك التعديل.

منع التجديد لرئيس الدولة لأكثر من مرتين او ثلاث مرات، تعتمده بعض البلدان ليس من قبيل الاستجابة لقواعد الديمقراطية وإنما لاحترام العدل بين المكونات الدينية او العرقية او الثقافية للمجتمع لان هذه البلدان متعددة الأعراق او الأديان او تطبق النظام الفيدرالي او الكونفدرالي، وهذا ليس حال المجتمع التونسي المتناسق والموحد عرقيا وثقافيا ودينيا وبالتالي فإن منع التجديد في مجتمع كالمجتمع التونسي لمجرد منع التجديد، يمثل حدا للحريات ونقصا في  حق التمتع بالمواطنة.

أما شرط السقف الزمني للترشح لرئاسة الجمهورية، فقد أصبح مع تطور المجتمع وخاصة زيادة الأمل في الحياة، و تخفيض سن الرشد والتفكير بجدية في تمديد سن  ممارسة النشاط، لا معنى له لان الدافع لوضع هذا الشرط هو  تامين الأهلية الصحية للمترشح لرئاسة الجمهورية لضمان اداء مهامه بصورة طبيعية. وقد أملى مثل هذا الشرط وهذا السقف الزمني، ذلك الوضع الذي عاشته تونس في مرحلة ما قبل نوفمبر 1987. أما اليوم فهناك أكثر من طريقة ومن أسلوب لضمان الأهلية الصحية للمترشح لرئاسة الجمهورية مما يجعل شرط السقف العمري نوعا من التعسف على حرية وحق الترشح  والمواطنة. ولنقلها بصراحة، فان الأمر لا يتعلق فقط بشرط السقف العمري وإنما أيضا بشرط السن الأدنى للترشح لرئاسة الجمهورية المحدد الآن بأربعين سنة. فبالتأكيد فان تطور المجتمع ودخوله في العولمة من أبوابها العريضة، قد جعل الوعي السياسي يكتمل ليس في سن الأربعين كما كان عليه قبل ثلاثين او عشرين سنة ماضية، وإنما قبل تلك السن بخمس سنوات على الأقل. وما دمنا بصدد الحديث عن شروط الترشح لرئاسة الجمهورية، فينبغي أيضا وبمناسبة أي تعديل مقبل، توضيح تلك العبارة الواردة في بداية الفصل الأربعين من الدستور  وهي "الترشح لمنصب رئيس الجمهورية حق لكل تونسي غير حامل لجنسية أخرى" لتصبح " الترشح لمنصب رئيس الجمهورية حق لكل تونسي وتونسية غير حامل لجنسية أخرى"، وهذا التوضيح يفسح المجال بكل صراحة أمام نصف المجتمع أي المرأة للتمتع هي ايضا بحق الترشح لرئاسة الجمهورية، فلا يجوز في بلد رفعت فيه مجلة الاحوال الشخصية منذ اكثر من نصف قرن مكانة المرأة في جميع الميادين لتكون متساوية في الحقوق والواجبات مع الرجل، ان تمنع ضمنيا من حق الترشح لهذا المنصب.

ويمكن ان يضاف الى هذا الفصل بمناسبة أي تعديل مقبل شرط  ان تنطبق على زوجة المترشح أو زوج المترشحة لرئاسة الجمهورية، مقتضيات الفقرة القائلة  في المترشح بانه" مسلم مولود لأب ولأم وجد لأب ولأم تونسيين وكلهم تونسيون بدون انقطاع "، وذلك لان القوانين التونسية وفي مقدمتها مجلة الاحوال الشخصية وواقع المجتمع وتطوره، تفرض هذه التعديلات.

وبدون شك فان هذه التعديلات تستوجب عرضها للمصادقة عليها في استفتاء شعبي عام مثلما تم عام 2002، لأنها تتعلق بقضايا ممارسة السيادة التي تبقى في نهاية الامر من حق الشعب وسلطته. فاي تعديل مقبل للدستور ينبغي ان يتم في استفتاء شعبي عام وان لا يكون محصورا فقط في السقف العمري للمترشح لرئاسة الجمهورية وإنما ينبغي ان يشمل النقاط التالية:

-          شطب شرط السقف العمري وخفض الحد الأدنى لسن المترشح  الى 35 سنة مع وجوب الأهلية الصحية على جميع المترشحين.

-          توضيح حق المراة في الترشح لرئاسة الجمهورية وضرورة ان ينطبق شرط الجنسية على زوج او زوجة المترشح لرئاسة الجمهورية.

أما الحديث بمناسبة هذا التعديل الدستوري، عن التوريث والرئاسة مدى الحياة وما شابه من قراءة في الغيبيات، فهو نوع من الهراء ما دام الأساس  هو الاحتكام الى صناديق الاقتراع وضمان حرية الناخب في ممارسة حقه الانتخابي في اختيار رئيس الجمهورية ضمن انتخابات رئاسية تعددية تنظم في موعدها وايضا حقه في الامتناع عن التصويت اذا رغب في ذلك.

Publicité
Publicité
تــــونسيون
Publicité
Derniers commentaires
Archives
Newsletter
Publicité